في مركز المستقبل للتأهيل بأبوظبي، بدأ فصل جديد ومهم في حياة الكثيرين، فالمكتبة الشاملة، التي تأسست من أجل دعم وتمكين أصحاب الهمم، باتت مفتوحة اليوم. ورغم امتلاء رفوف المكتبة بالكتب، إلا أنها أكثر من مجرد مكتبة، فهي تُجسّد قيمةً أكبر بكثير، وتعد نموذجاً للتعاون، والتطوع الهادف، والإيمان الراسخ بأهمية التعليم الشامل.
.jpg?h=1418&w=2363)
تُعدّ هذه المبادرة جزءاً من التزام مبادلة بعام المجتمع في دولة الإمارات؛ وهو مبادرة وطنية لتوطيد الروابط المجتمعية، وتشجيع العمل التطوعي، ودعم بعضنا البعض بطرق مستدامة ومؤثرة.
بدأ كل شيء بفكرة بسيطة لكنها مؤثرة؛ تحويل مكتبة المركز الحالية إلى مساحة يشعر فيها كل طالب بالترحيب ويحظى بالدعم والإلهام. كانت قيادة المركز تمتلك الرؤية الصائبة، وساهمت مبادلة في تحقيق هذه الرؤية من خلال توفير الموارد والخبرات، والأهم من هذا كله، فريق متطوعين حريص على تحقيق هذه الرؤية وإنجاحها.
وعلى مدار عدة أشهر، تطوّع أكثر من 35 موظفاً من مبادلة، وكرسوا وقتهم وجهدهم لإنجاح هذا المشروع. قام بعضهم ومن خلال الرسم بتحويل الجدران الفارغة إلى لوحات نابضة بالحياة، بينما تولى آخرون تنظيم مجموعة الكتب، وفرزها، وتصنيفها، وترتيبها على الرفوف بما يتناسب مع مختلف الاهتمامات والاحتياجات. قام آخرون بتوظيف أصواتهم من خلال تحويل القصص المكتوبة إلى نسخ صوتية باللغتين العربية والإنجليزية، مما أتاح للطلبة الاستمتاع بالمكتبة ومحتوياتها. كما شارك العديد منهم في ورش عمل تصميمية بمشاركة الطلبة، حيث استمعوا إلى الأفكار، وقدّموا الدعم اللازم، وساهموا في تشكيل مساحة تُعبّر فيها كل فكرة عن رأيها.
قالت المتطوعة عواطف البريكي من وحدة السياسات في مبادلة: "بمجرد دخولنا ورشة التصميم، أشرقت وجوه الطلاب. قال لي أحد الطلبة: (أريد ركناً للقراءة يشبه سفينة فضائية!)؛ وقد تجسدت هذه الفكرة في التصميم النهائي. لقد كان من المذهل رؤية خيالهم وقد تحقق وبات ينبض بالحياة، ونحن سعداء بمساهمتنا في تحقيقه".
لقد أسهم فريق عمل مبادلة بالتعاون مع المعلمين والطلاب، في تأسيس مكتبة شاملة بكل معنى الكلمة. تضمّ بين جنباتها أماكن تناسب احتياجات الطلبة، وتقنيات مساعدة، وأثاثًا مرنًا، ومواد مختارة بعناية، وجميعها مصممة لدعم أنماط واحتياجات التعلم المتنوعة.
عندما خطت أميرة، وهي طالبة من مركز المستقبل للتأهيل، خطواتها الأولى نحو المكتبة الجديدة، أشرقت عيناها. توجهت مباشرةً إلى الركن الهادئ وجلست على الوسائد وقد تناولت كتاباً وبدأت في تصفحه. قالت: "أحب هذا الركن الهادئ، فالوسائد ناعمة جداً، والكتب مكتوبة بحروف كبيرة سهلة القراءة. هذا يُشعرني بالهدوء."
كان زميلها عبدالله متحمساً بنفس القدر. وبينما كان يمرُّ بجوار الجدارية الزاهية التي شارك في رسمها، أشار بفخر إلى الجدار قائلاً: "ساعدتُ في اختيار الألوان، والآن هو أفضل مكان للقراءة لأنه يُشعرني بأنه مكاني الخاص".
من أبرز الإنجازات التي لا تُنسى ابتكار شخصية "كابتن فيوتشر"، وهو بطل خارق على صورة شاب مصاب بالشلل الدماغي، وشقيقته التوأم، وهاتان الشخصيتان من إبداع الطلبة أنفسهم. ويظهران الآن في الجداريات وفي الكتب القصصية، وفي النسخ المسجلة صوتياً بصوت متطوعَين من مبادلة، في صورة تجسّد جوهر المكتبة وحضورها اللافت في حياة الطلبة.
قالت المتطوعة علياء الدرمكي من وحدة الحوكمة المالية والتقارير، والتي ساهمت في أداء النسخة الإنجليزية من القصة: "عندما قرأتُ سطور كابتن فيوتشر، شعرتُ بمسؤولية كبيرة. هذه القصص تعني الكثير للأطفال، ويجدون أنفسهم فيها. وهذا ما يجعل هذه المكتبة مميزة للغاية".
يشار إلى أن المكتبة الشاملة افتتحت في 27 مايو 2025، في حفل مميز شهده معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، ومعالي خلدون خليفة المبارك العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة مبادلة، ومحمد عبد الجليل الفهيم، رئيس مجلس إدارة مركز المستقبل للتأهيل، بمشاركة جمع غفير من طلبة المركز الذين بدت السعادة الغامرة على وجوههم. وقد وصفت الطالبة لين؛ البالغة من العمر تسع سنوات هذه المناسبة بالقول: "هذا مكاني المفضل الآن. لقد ساهمتُ في إنشائه".
.jpg?h=532&w=800)
ومواصلة لمسيرة المكتبة الشاملة وتعميق دورها وأثرها، نُظمت فعالية لاحقة يومي 24 و25 يونيو في مقر مبادلة بالمعمورة، مما أتاح الفرصة لمزيد من موظفي مبادلة للتواصل مع المبادرة بطريقة شخصية وهادفة. ومن خلال سلسلة من الأنشطة التفاعلية، عاش الموظفون تجربةً مميزةً للتعرف أكثر على هذا المشروع الهادف، حيث تعرفوا على سير ومراحل هذا المشروع، واستمعوا إلى قصة "كابتن المستقبل" الصوتية باللغتين العربية والإنجليزية في ركنٍ مريح، وشاهدواً معرضاً فنياً يضم عدداً من أعمال الطلاب الفنية.
تُذكرنا هذه اللحظات القيّمة بمعنى المشاركة الحقيقية: من خلال العمل الهادف والمشاركة الصادقة. واليوم تُجسّد المكتبة الشاملة التزام مبادلة بعام المجتمع، بل وأكثر من ذلك، إنها تمثّل إيماننا الراسخ بتوفير مساحات يشعر فيها الجميع بالتقدير والدعم والإلهام لمواصلة النمو.
ومع أن هذه القصة بدأت في مكتبة مدرسية، إلا أنها الآن ملك لنا جميعاً، بفضل جهود وعمل من جعلوها ممكنة وحقيقة قائمة، إنها مجرد البداية من أجل مستقبل مشرق للجميع.
يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة المستخدم. وعبر تصفح موقعنا هذا، أنتم توافقون على جميع ملفات تعريف الارتباط وفقاً لسياسة ملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا.